Saturday, October 13, 2007

هل نحن مستعدون للديمقراطية؟

كجزء من سياسته لمحاربة الإرهاب في أعقاب أحداث سبتمبر، تعهد الرئيس الأميركي جورج بوش بنشر الديمقراطية في الشرق الأوسط وبالمساهمة في تعزيز دور المؤسسات المدنية. وتم النظر إلى هذا المسلك كوسيلة لتجفيف منابع الإرهاب والأصولية الدينية في المنطقة وبث قيم التسامح والحوار.إلا أن هذه السياسة المعلنة قد تعطلت بسبب حرب العراق التي طالت على غير ما توقعه البيت الأبيض ولأن كلفتها المادية فاجأت صانعي القرار في واشنطن. وعلى افتراض أن الأمور في العراق سارت كما أريد لها، وتم ترميم الأمن وبناء والديمقراطية فيه، فهل كان لمشروع بوش أن ينجح في تغير معالم الشرق الأوسط ونقله من جحيم النظم الشمولية إلى نعيم التعددية؟ بكلام أخر، هل المنطقة العربية جاهزة لاستقبال الديمقراطية؟الديمقراطية، كما هو معروف، نظام سياسي يوفر للمواطنين فرص دستورية متساوية بما فيها الحق في الوصول إلى سدة الحكم وكافة المراكز القيادية وذلك بحسب تعريف "ليبست 1959" إنها ألية اجتماعية تسمح للأغلبية بأن تسيطر على القرار، وتصنع السياسات بعد أن تكون أصوات الناس في الدولة قد سمعت عبر وسائل اقتراع سلمية تتوفر فيها فرص المنافسة العادلة للناخبين وتتساوى فيها حقوقهم من غير استثناء. طبعا، مع الأخذ بعين الاعتبار أنه ليس ثمة عدالة كاملة أو نزاهة مطلقة. وبما أن الديمقراطية لا تخلق في فراغ، ولا يمكن الوصول إليها في ظل غياب بيئة ترعاها، فما هي إذن الشروط الاجتماعية والثقافية اللازمة لإيجاد ديمقراطية مستقرة وقابلة للحياة والاستمرارية؟ إن الثابت، على الأقل من خلال الأمثلة التي نعايشها حاليا، أن الدول المتقدمة اقتصاديا هي الأقدر على رعاية الديمقراطية والتعايش في ظلها، هذا من جانب. ثم إن الديمقراطية تحتاج إلى نظام محاسبة يسمح فيه بالنقد وبالرقابة وبتقديم المقترحات للتطوير. وثالثا، فإن الديمقراطيات المستقرة تنتعش في ظل مجتمع متعدد الأجناس والأعراق والأديان أكثر منها في المجتمعات المتجانسة المتشابهة، وأخير، فإن الديمقراطية تعيش في مجتمع ناسه متعلمون وذوو وعي بالحياة الحزبية والسياسية.إن نظرة ثاقبة على حال البلدان العربية، تجعلنا نقول بغياب معظم الشروط السابقة عنه. وهكذا فإن الأولوية، حتى يتم تطبيق الديمقراطية في المنطقة العربية، يجب أن تكون لتهيئة الظروف الكفيلة بنجاحها بدلا من محاولة البدء فورا بترسيخها. فالنبتة كي تنمو، تحتاج إلى تراب وماء ضوء وهواء. إن الديمقراطية في الشرق الأوسط تحتاج إلى أكثر من مجرد التنمية الاقتصادية. لخلق البيئة الملائمة لنمو هذا النظام العريق الذي باتت الحاجة إليه أكثر وضوحا اليوم من أي وقت مضى، نحتاج إلى عدالة اجتماعية وتوزيع أكثر أنصافا للموارد والمصادر، ونحتاج إلى تصليح النظام الاجتماعي وعصرنته. هناك أيضا حاجة ماسة إلى المصداقية والمساءلة وبناء المؤسسات المدنية والأحزاب الحقيقية. وبالإضافة إلى هذا وذاك، فإن صيانة حرية الرأي وحرية الصحافة والحق في التجمع ورعاية حقوق الأقلية هي لبنات أساسية تعبد الطريق إلى الديمقراطية.الانتخابات بحد ذاتها، لا تبني ولا تديم الديمقراطية. وعندما تجرى الانتخابات في مجتمعات غير ديمقراطية، فإنها تقود إلى نتائج غير ديمقراطية قد تؤدي إلى تعزيز الظلم وتأجيج الهوة بين طبقات الشعب وبالتالي تصبح عبئا لا فضيله
نقلها إلى العربية: حامد اليوسف (انظر المقالة الأصلية
http://www.arabwashingtonian.org/arabic/article.php?issue=15&articleID=326

No comments: